مدير المركز الوطني لبحوث الطاقة بسام درويش، استعرض في محاضرة له واقع الطاقة الكهربائية في سورية، حيث كان استهلاك مصادر الطاقة الأولية في العام 2011 نحو 25 مليون طن مكافئ نفطي، لينخفض إلى أقل من 10 ملايين طن مكافئ نفطي في عام 2022، ومن المتوقع أن يكون في عام 2023 أقل من ذلك نتيجة للأزمة الاقتصادية العالمية التي رافقت الحرب في أوكرانيا، لافتاً إلى أن الغاز الطبيعي يشكل القسم الأكبر من الاستهلاك من مصادر الطاقة الأولية، حيث يشكل نحو 36 بالمئة، وزيت الفيول نحو 21 بالمئة، والمازوت والبنزين وباقي المشتقات النفطية والكتلة الحيوية نحو 11 بالمئة.
وفي السياق، أشار درويش إلى أن إنتاج النفط انخفض من 175 ألف برميل من النفط يومياً في عام 2011، إلى نحو 15 ألف برميل يومياً في عامي 2022 و2023، وكذلك الأمر بالنسبة للغاز الطبيعي الذي كان يعتبر المصدر الأساسي الذي يعتمد عليه نتيجة لتوفره محلياً ورخص تكاليف وصوله إلى محطات التوليد، فقط انخفضت كمياته المتاحة من 30 مليون متر مكعب يومياً في عام 2011، وأقل من 9 ملايين متر مكعب في عامي 2022 و2023، ولا يصل لوزارة الكهرباء سوى 6.5 ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي يومياً، لافتاً إلى أن أكثر القطاعات استهلاكاً للطاقة الأولية هو قطاع إنتاج الكهرباء بنسبة 50 بالمئة، لتليها بقية القطاعات كالنقل والمنازل والصناعة، 38 بالمئة منها يعتمد على زيت الفيول، و53 بالمئة على الغاز الطبيعي، و9 بالمئة من مصادر الطاقات المتجددة.
وتابع: إن نسبة الطاقة الأولية التي تم استهلاكها في وزارة الكهرباء بعام 2022 نحو 2.8 مليون طن مكافئ نفطي من الغاز الطبيعي، و1.9 مليون طن مكافئ نفطي من زيت الفيول، وقد تم من خلال ذلك إنتاج نحو 19 مليار كيلو واط ساعي في عام 2022، ولكن انخفض الإنتاج في عام 2023.
وحول ملخص ميزان الطاقة في عام 2022، كشف درويش أن مصادر الطاقة الأولية التي كانت متاحة وصلت إلى نحو 10 ملايين طن مكافئ نفطي تم تحويلها إلى طاقة جاهزة للاستهلاك بحدود 5.5 ملايين طن مكافئ نفطي، و4.5 ملايين طن مكافئ نفطي كضياعات نقل وتحويل الطاقة، مبيناً أن هذه النسبة موجودة حتى في حالات الفقر الطاقي كالتي تعاني منها سورية، وهذا الأمر يتطلب إجراءات لرفع كفاءة استخدام الطاقة وتحويلها وتخفيف الضياعات والفاقد لتحسين الوضع الطاقوي.
وأشار إلى أن سورية كانت تشهد قبل الأحداث معدل نمو عال في إنتاج الطاقة الكهربائية من نحو 25 مليار كيلو واط ساعي في عام 2000، إلى نحو 50 مليار كيلو واط ساعي في عام 2011، لينخفض هذا الإنتاج مع سنوات الأزمة، حيث وصف العام 2016 بأنه نقطة الحضيض، ثم شهد الإنتاج تحسناً في السنوات التالية، ليعود للانخفاض في الأعوام الأخيرة، نتيجة انخفاض كميات الوقود المتاحة لمحطات التوليد، ففي عام 2022 كان الإنتاج 19 مليار كيلو واط ساعي، و18 ملياراً في عام 2023، أي إن نسبة الانخفاض وصلت إلى 3 بالمئة عن العام السابق، لافتاً إلى أن كمية الطاقة المفصولة في عام 2023 نحو 25 مليار كيلو واط ساعي، أي بجمع الإنتاج والطاقة المفصولة يكون إجمالي الطلب المقدر على الكهرباء نحو 42 مليار كيلو واط ساعي، على حين بلغت ذروة الطلب المقدرة على الكهرباء نحو 7000 ميغا واط في أيام الذروة خلال فصل الشتاء، و5000 ميغا خلال فترة الصيف، أما الاستهلاك السنوي من الغاز فقد بلغ 2.6 مليار متر مكعب، أما الفيول فقد بلغ 1.9 مليون طن مكافئ نفطي، كاشفاً أن الاستطاعة الكلية لمجموعات التوليد المتاحة التابعة لوزارة الكهرباء والجاهزة للعمل والإنتاج وصلت إلى نحو 5348 غيغا واط، ففي حال تم تأمين الوقود اللازمة لها فهي تستطيع أن تنتج وتغطي نسبة كبيرة من الطلب.
400 ميغا واط في نهاية العام القادم
وبما يخص الطاقات المتجددة، أشار درويش إلى أن الوزارة خطت الكثير من الخطوات في هذا المجال خلال سنوات الحرب التي أعاقت تنفيذ كل الخطط، لذلك كان السير في خطوات بطيئة، أما حالياً فقد وصلت وزارة الكهرباء إلى أول 100 ميغا واط مربوطة على الشبكة الكهربائية، علماً أن هذا العمل كان نتيجة جهود حكومية كبيرة على مدار 12 عاماً، وستوضع الـ100 ميغا الأخرى في نهاية العام الحالي، وفي نهاية العام القادم سيتم إدخال 400 ميغا واط إلى الشبكة الكهربائية، وهذا يعني أن الحكومة تسير قفزات مضاعفة في كل عام وبأرقام جيدة للوصول إلى الأهداف الموضوعة في إستراتيجية الطاقات المتجددة التي اعتمدتها الحكومة.
وفي معرض رده على التساؤلات، بيّن درويش أن وزارة الكهرباء قدمت مذكرة للحكومة منذ نحو الشهرين، عن واقع الطاقات المتجددة وصدرت توصيات من رئاسة مجلس الوزراء لضرورة تطوير تشريعات المركز الوطني لبحوث الطاقة ودعمه بما يجعله يواكب المرحلة والتجارب الموجودة في الدول المجاورة كمصر مثلاً، بحيث يكون المركز قادراً على تحقيق إيرادات وألا يكون جهة بحثية فقط، كاشفاً أن المركز يؤسس مخبراً لضبط جودة تجهيزات الطاقات المتجددة.
وبيّن درويش أن وزارة الكهرباء لا تشجع على الأمبيرات ولم ترخص، وذلك تنفيذاً لقانون الكهرباء الذي يمنع مزاولة مهنة توليد الكهرباء من دون الحصول على رخصة، والجهة المخولة بذلك هي وزارة الكهرباء، موضحاً أن ما يجري هو أن بعض الوحدات الإدارية سمحت بالأمبيرات وفي ذلك مخالفة لقانون الكهرباء الذي لم يسمح بالأمبيرات إلا من الطاقات المتجددة.